بسم الله الرحمن الرحيم ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
لقد بحثت حول مقولة " الزيدية أقرب فرق الشيعة إلى أهل السنة " وحقيقة كنت أردها كثيراً مع أصدقائي
حين نتحدث حول الشيعة , لكن الآن بعد رد الآخت جروح الرحيل أثرت البحث حول المقولة ووجدت باطلة ..
لذلك سوف أوفيكم بهذا البحث حول الزيدية الموجودة باليمن ..
ـــــــــ
راجت هذه الجملة ألا و هي أن (الزيدية أقرب فرق الشيعة إلى أهل السنة في الآونة الأخيرة بعد انفجار فتنة الحوثي في صعدة ،والتسليم بهذا القول خطأ جسيم ، وفيه تضليل كبير وهو ينم عن عدم فهم للكثير من الأموروالحقائق المتعلقة بالمذهب الزيدي وبواقع المجتمع الزيدي .
والواقع أن الأخوة في شبه الجزيرة العربية وفي بقية الدول العربية – بمافي ذلك المتخصصين منهم - ليس لديهم معلومات وافية كافية عن الزيدية في اليمن،نتيجة لعدم الاحتكاك بهم ، أو لعدم الاطلاع عن قرب على شئونهم، وقد نجم عن ذلك أن وقع بعضهم في أخطاء شنيعة على النحو الذي جرى في الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب ط1 سنة 1989 والتي قدرت يومئذ أن الزيدية يمثلون ثلثي السكان في اليمن الشمالي،والحقيقية أنهم كانوا أقلية، وحتى وأن كانت الموسوعة تشير لفترة ما قبل الوحدة.
ومن هذا القبيل وهو الجهل بالحقائق، ربما صارت تتردد بكثرة تلك المقولةالتي تصف الزيدية بأنهم أقرب فرق الشيعة ، إلى أهل السنة ، ونحن حقيقة نتحفظ على هذه المقولة جملة وتفصيلا وهاكم وجهة نظرنا حولها – بعد الإلمام بشكل مختصربحقيقة المذهب الزيدي .
حقيقةالمذهب الزيدي:
وممالاشك فيه أن الكثيرين ممن يطلقون تلك المقولة يخلطون بين ما يسمى بالمذهب الزيدي الحالي المعروف في اليمن ، وبين المذهب الأصلي لزيد بن علي ، وفي الحقيقةأن المذهب الزيدي السائد في اليمن حاليا ليس لزيد بن علي نصيب منه سوىالاسم فقط ، وأما في الأصل فهو مذهب هادوي - نسبة لمؤسسه - الهادي يحيى بن الحسين ،فمن خلال كتب هذا الأخير وكتب أبنائه وأحفاده تبلور المذهب الذي يسمونه حاليا - خطأبل و ربما تضليلا على الناس - بالمذهب الزيدي . وما هو بالمذهب الزيدي ولا يصح نسبته إلى الامام زيد إنما هو مذهب هادوي وهو يختلف كل الاختلاف عن مذهب الأمام زيد بن علي رحمه الله . وليس من العدل ، ولا من الموضوعية ، بل وربما من اللياقة ، أن ننسب المذهب الهادوي السائد في اليمن حاليا – إذا سلمنا جدلا أنه كذلك – إلى الإمام زيد بن علي ، لأن الأمام زيد بن علي عندما استشهد في أوائل القرن الثاني الهجريوتحديداسنة 122هـ لم يكن قد تبلور له مذهب محدد له أتباع ينشرونه ويعملون علىإشاعته ، ولو كان الأمر كذلك لظهر مذهبه في أكثر من مكان في العالم الإسلامي كماحدث بالنسبة للمذاهب الأربعة التي ظهرت فيما بعد وشاعت في أصقاع الأرض وليس معنىهذاأن علم الإمام زاد قد انتهى بنهايته . كلا ، إذ أنه كان قد تلقاه منه علماء كثيرون ، وعلى رأسهم ولده يحيى ، والأمام أبي حنيفة النعمان بن ثابت ، بيد أن يحيىبنزيد ظل مطاردا ، ولم يكن له من الوقت ما يسمح له بالجلوس للدرس ، وتفقيه الناس بالمذهب – أو بالأصح العلم - الذي ورثه عن والده بيد أنه ما لبث أن قتل في إيران بعدذلك بسنوات وأنقطع بذلك خبر المذهب الزيدي الحقيقي المنسوب إلى زيد بن علي – إن كان هناك مذهب أصلا – أو لنقل منذ ذلك الحين ، بدأ يكتنفه الغموض ، ويدخل مرحلةجديدة لم يكن كثير من الناس يعلمون عنها شيئا حتى ظهر الهادي يحيى بن الحسين بعد مائة و خمسين سنة ليقول للناس : هذا هو مذهب الإمام زيد . وبذلك يمكن القول أن أهلالسنةوالجماعة هم الورثة الحقيقيون لعلم الأمام زيد ، أو على الأقل لجزء كبير من ذلك العلم ، وهو الجزء الذي تلقاه عنه تلميذه الأمام أبي حنيفة النعمان ، ومن هذا انتقل إلى سائر علماء أهل السنة ، ، ولم يكن هذا العلم يخالف في شيء علم أهل السنة و الجماعة ، لأن مصدر العلم واحدا في الإسلام هو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وإنما يتميز العلماء عن أقرانهم بما يفتح الله عليهم ويقذفه من نورفي قلوبهم ، ولأن الأمام زيد كان سنيا أصلا – ولو كان شيعيا لظهر ذلك في تلميذه أبي حنيفة النعمان والذي كان من أبرز من تأثر به وبفكره .
بمافي ذلك – القول بالرأي – والذي يعتبر من أبرز سمات المذهب الحنفي وليسفقط الهادي يحيى بن الحسين ، لأنه عندما ظهر الهادي يحيى بن الحسين للتبشيربالمذهب الزيدي في أواخر القرن الثالث الهجري إنما قام هذا الأخير بتلفيق مذهب جديديحتويعلى خطوط عريضه من مذهب الأمام زيد فقط ، أما في الصميم فهو من فكر الهادي يحيى بن الحسين نفسه .
الزيدية في التاريخ المعاصر ، و موقفها من أهل السنة ..
لقد انقرضت فرق الزيدية المختلفة مثل (الجارودية ، و السليمانية ، والصالحية ) ، أو ذابت في فرق الشيعة الأخرى ، و ما بقي من الزيود الآن فهم متمسكون بآراء تلتقي بجملتها مع آراء المعتزلة وأصولهم ، والرافضة في معتقداتهم .
أما بالنسبة لموقفها من أهل السنة فإنه يمكننا أن نحكم عليهم من خلال الحديث عما لاقاه أهل السنة في اليمن ، فقد وقع الشوافع ( السنة ) بين فكي كماشة ، حيث كان الزيود واضطهاداتهم من جانب ، والنيران الحامية التي كانت تمطر بها قراهم من قبل الطائرات الإنجليزية بسبب ملاحقة الزيود من جانب آخر . و ما من شك في أن الإنجليز قد افلحوا إلى حد كبير في استغلال العداء بين الشوافع ( السنة ) و الزيود في إضعاف الطائفتين ؛ لمزيد من تثبيت أقدامهم في المنطقة ، على أن ذلك لا يعفي الزيود الحانقين من تبعة قتالهم ومحاولتهم إخضاع الشوافع ( السنة ) واضطهادهم ، ولا غرابة من وقوف الشوافع ( السنة ) مع الدولة العثمانية السنية في وجه القوات الزيدية ، وعلى كل حال فمهما بلغت مظالم الأتراك فلا تعد شيئاً في مقابل الزيدية الشيعية .
و ما وقع من الزيود من ظلم و قتال وإخضاع للشوافع السنة منسجم تماماً مع ما آل إليه المذهب الزيدي عند المتأخرين من رفض و سب للصحابة رضوان الله عليهم ، و قد عانى علماء اليمن المتحررون من أغلال المذهب الزيدي كـ ( الصنعاني و الشوكاني ) وغيرهما من غلو هؤلاء الزيدية في الرفض و حنقهم على الصحابة و كتب السنة . راجع كتاب : الانحرافات العقدية والعلمية في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين و آثارهما في حياة الأمة ، علي بن بخيت الزهراني (1/584-588) .
يقول الشيخ محمد أبو زهرة : ( و من بعد ذلك ضعف المذهب الزيدي ؛ والمذاهب الشيعية الأخرى قد غالبته ، أو طوته ، أو لقحته ببعض مبادئها ، و لذلك كان الذين حملوا اسم هذا المذهب من بعده لا يجوزون إمامة المفضول ، فأصبحوا يعدون من الرافضة ، و هم الذين يرفضون إمامة الشيخين أبي بكر و عمر رضي الله عنهما ، و بذلك ذهب من الزيدية الأولى ابرز خصائصها ) . تاريخ المذاهب الإسلامية (1/51) .
وعلى كل فلا نطيل الكلام ، فحالهم في العقيدة معتزلة ، و ناهيك بعقيدة تنبذ كتاب الله و سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتعتمد على الفلسفة . و في الفقه على أبي حنيفة ، و قد قال بعضهم : إذا أردت أن توافق الحق فخالف أبا حنيفة . و في التشيع ينتهي بهم الحال إلى الرفض ، حتى قال بعضهم : ائتني بزيدي صغير أخرج لك منه رافضياً كبيراً .
وقد سُؤل الشيخ مقبل بن هادي - حفظه الله - عنهم فقال : هم بعيدون عن السنة ، ثم ذكر مقولة : ائتني بزيدي صغير أخرج لك منه رافضياً كبير . راجعها في : بغية الطالب الألمعي لفتاوى المحدث العلامة مقبل بن هادي الوادعي ( ص 1 ) .
و مما ينبغي أن يعلم أنهم أصبحوا ليسوا بزيدية كما يدّعون ، و لقد أحسن والد محمد بن إسماعيل الأمير إذ يقول :
يـدعـون أنـهـم زيـديـة وهـم عن نـهـجـه بـمـعـزل .
و يقول إسحاق بن المتوكل مورداً إشكالاً على المذاهب الزيدية لا يستطاع حله :
أيـهـا الأعـلام مـن سـادتـنـا ومـصـابـيـح ديـاجـي الـمشكل
خـبـرونـا هـل لـنا مـن مذهب يـقـتـدى فـي الـقول أو فـي العمل
أم تـركـنا هـملاً نـرعـى بـلا سـائـم نـقـفـوه نـهـج السـبـل
فـإذا قـلـنا ليـحـيى قـيـل لا هـهـنا الـنص لـزيـد بـن عـلـي
و إذا قـنـا لـزيـد حـكـمـوا أن يـحـيـى قـوله الـنـص الـجـلي
قـرروا الـمـذهب قـولاً خارجاً عـن نـصـوص الآل فـالبـحـث وسل
ثـم مـن نـاظـر أو جـادل أو رام كـشـفـاً لـقـذى لـم يـنـجـل
قـدحـوا فـي ديـنه واتـخذوا عـرضـه مـرمـى سـهـام الـمـنـصل .
راجع كتاب : المخرج من الفتنة للشيخ مقبل بن هادي الوادعي ( ص 77-78) .
وكم سمعنا و شاهدنا كيف كانوا أي الزيدية - يرحبون بالشيوعية خاصة بعد رحيل الاستعمار رحيل اسمي فقط ينضمون إلى صفوفه من أجل ضرب أهل السنة ، فخيبهم الله ، فلا سَلِمَ لهم دينهم و لم يستطع الشيوعيون أن يحققوا لهم ما وعدوهم به من ضرب أهل السنة ، و لقد صدق أبو محمد ابن حزم رحمه الله حيث يقول : ما نصر الله الإسلام بمبتدع . فلو رأيت المخذولين من أهل صعدة يوزعون نسيخة الضليل المبتدع أحمد بن زيني دحلان ( فتنة الوهابية ) ، بل لقد جمعوا كتب الطاعنين في السنة حتى ولو كان المؤلف نصرانياً أو علمانياً ، المهم أن يكون فيها طعن على السنة و أهلها ، فخيبهم الله .
وما لاقاه الشيخ أبا عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي حفظه الله و باقي طلبة العلم في اليمن في الوقت الحالي من التضييق و محاولا القتل المستمرة ، من قبلهم و من إخوانهم الصوفية ، لعرفت مدى الحقد الذي يحمله هؤلاء الرافضة ، عليهم من الله ما يستحقون ، و صدق والله ابن حزم رحمه الله حين يقول : إن الله ابتلى الإسلام بالصوفية و الشيعة . و الأمر كما قال ابن حزم ، فإن هاتين الطائفتين باب فتنة ، و آلة لكل مناوئ للإسلام .
ــ
يتبع .....